المودة والرحمة كما فسرها دكتور مصطفى محمود

 قال الله تعالى

"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ 

أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْها

"وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً

صدق الله العظيم

من دلائل عظمة القرآن وإعجازه

أنه حينما ذكر الزواج

لم يذكر الحب

وإنما ذكر

المودة والرحمة والسكن


سكن النفوس بعضها إلى بعض

وراحة النفوس بعضها إلى بعض

وقيام الرحمة وليس الحب

والمودة وليس الشهوة

إنها المودة والرحمة

مفتاح البيوت

والرحمة تحتوى على الحب

بالضرورة

والحب لا يشتمل على الرحمة

بل يكاد بالشهوة

أن ينقلب عدواناً

والرحمة أعمق من الحب

وأصفى وأطهر

والرحمة عاطفة إنسانية

راقية مركبة

ففيها الحب ، وفيها التضحية

وفيها إنكار الذات

وفيها التسامح والعطف

وفيها العفو والكرم

وكلنا قادرون على الحب

وقليل منا هم القادرون

على الرحمة

وبين 1000 حبيبة

هناك واحدة يمكن أن ترحم

والباقى طالبات هوى

ونشوة ولذة

ولذلك جاء كتاب الحكمة الأزلية

الذى تنزل علينا بالحق

يذكرنا عند الزواج

بالرحمة والمودة والسكن

ولم يذكر كلمة واحدة عن الحب

محطماً بذلك صنم العصر

ومعبوده الأول

والذين خبروا الحياة

وباشروا حلوها ومرّها

يعرفون مدى عمق وصدق

هذه الكلمات المنزلة

وليس فى هذه الكلمات

مصادرة للحب أو إلغاء للشهوة

وإنما هى توكيد بأن ممارسة

الحب والشهوة لابد أن تكون

فى إطار من المودة والرحمة

الحيوانات تمارس الحب والشهوة

ولكن الإنسان وحده

هو الذى امتازبهذا الإطار من المودة والرحم 

لأنه هو وحده الذى استطاع

أن يستعلى على شهواته

فيصوم وهو جائع

ويتعفف وهو مشتاق

والرحمة ليست ضعفاً

وإنما هى غاية القوة

لأنها استعلاء على

الشهوة الحيوانية

الرحمة هى النور

والشهوة هى النار

وأهل الرحمة هم أهل النور

والصفاء والبهاء

هم الوجهاء حقاً

والرحمة هى ختم الجنة

على جباه السعداء

الموعودين من أهل الأرض

تعرفهم بسيماهم ووضاءتهم

وعلامة الرحيم هى الهدوء

والسكينة والسماحة

ورحابة الصدر

والحلم والوداعة والصبروالتريث ومراجعة النفس

قبل الإندفاع فى ردود الأفعال

وعدم التهالك على الحظوظ

والمنافع الشخصية

وضبط الشهوة

وطول التفكير وحب الصمت

والإئتناس بالخلوة

وذلك لأن الرحيم له نور

من داخله يؤنسه

ولأنه فى حوار دائم مع الحق

وفى بسطة دائمة مع الخلق

والرحماء قليلون

وهم أركان الدنيا وأوتادها

التى يحفظ بها الله الأرض

ومن عليها

ولا تقوم القيامة إلا حينما

تنفذ الرحمة من القلوب

ويتفشى الغلّ

وتسود المادية الغليظة

وتنفرد الشهوات بمصير الناس

فينهار بنيان الأرض

وتتهدم هياكلها من القواعد

اللهم إنى أسألك رحمة

اللهم إنى أسألك مودة تدوم

اللهم إنى أسألك سكناً عطوفاً

وقلباً طيباً

اللهم لا رحمة إلا بك ومنك وإليك

تعليقات